عصر الغمام الصادق عليهِ السلام
بسم الله الرحمن الرحيم
آللهمَ صل على محمد وآلِ محمد
في تاريخ الامة الاسلامية عبر القرون الستة الاولى نلاحظ ثلاثة عناصر اساسية هي:
قدرة الإسلام على التجديد والابداع والعطاء في كافة المجالات.
انحراف الحكام وحدوث هوة سحيقة بين المبادئ الإسلامية وبين السلطة الحاكمة.
حيوية الامة الإسلامية وقدرتها على التحرك ضد الحكام المنحرفين عن الإسلام.
ولقد عايش الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام هذه الحقائق الثلاث كأشد ما يمكن ان تكون ظهورا وتجسيدا, ولمدة اربعين سنة وشاهد الظلم والارهاب للحكام الامويين ضد أبناء الامة بصورة عامة والعلويين بصورة خاصة.
فقد ولد الامام الصادق عليه السلام في عهد عبد الملك بن مروان بن الحكم ثم عايش الوليد بن عبد الملك وسليمان بن عبد الملك, وعمر بن عبد العزيز والوليد بن يزيد ويزيد بن الوليد وابراهيم بن الوليد ومروان الحمار حتى سقوط الحكم الاموي(سنة 132هـ) ثم آلت الخلافة الى بني العباس فعاصر من خلفائهم ابا العباس السفاح وشطرا من خلافة ابي جعفر المنصور تقدر بعشر سنوات تقريباً, إلاّ ان الامام عليه السلام لم يكن يملك القدرة على التحرك خلال هذه الفترة لاسباب عديدة اهمها:
انه كان محط انظار المسلمين لذا فقد كان تحت الرقابة الاموية والعباسية, ممّا هدد حركته وحال بينه وبين الاعداد لعمل سياسي ضد الحكام المتعاقبين في عصره.
التجربة التاريخية المرة لقيادة آل البيت عليه السلام مع جمهور الامة, وتيارات الثورات ضد الحكام الامويين بقيادة الامام علي عليه السلام, وولده الامام الحسن ومن بعدهما ثورة الإمام الحسين عليه السلام السبط عليه السلام وزيد بن علي بن الإمام الحسين عليه السلام. نظرا لتخلف الناس عن الرقي الى المقام السامي, والاسلوب الرفيع الذي كان يمارسه أهل البيت عليهم السلام.
ولهذه الاسباب ولغيرها, كان الامام الصادق عليه السلام منصرفا عن الصراع السياسي المكشوف الى بناء المقاومة بناءً علميا وفكريا وسلوكيا يحمل روح الثورة, ويتضمن بذورها لتنمو بعيدة عن الانظار وتولد قوية راسخة. وبهذه الطريقة راح يربّي العلماء والدعاة وجماهير الامة على مقاطعة الحكام الظلمة, ومقاومتهم عن طريق نشر الوعي العقائدي والسياسي والتفقه في احكام الشريعة ومفاهيمها, ويثبت لهم المعالم والاسس الشرعية الواضحة. كقوله عليه السلام:(من عذر ظالما بظلمه سلّط الله عليه من يظلمه, فان دعا لم يستجب له ولم يأجره الله على ظلامته), (العامل بالظلم والمعين له والراضي به شركاء ثلاثتهم).
آللهمَ صل على محمد وآلِ محمد