المقدمه
زينب، ما ادرانا من هي زينب! كأنها بوتقة سكبت فيها جميع الكمالات، ورشت بعطر جميع الفضائل والمكارم والحسنات، حتى أصبحت رمز العبادة والتسليم لأمر الله والرضى بقضائه، ورمز الغيرة والعفاف والشجاعة والبلاغة وقوة الجنان، ومثال الزهد والورع والعلم والشهامه...بل اصبحت في كل ذلك بعد اهل بيتها الطيبين مناراً يهتدى به في التحلي بأخلاق الله تبارك وتعالى، فيستلهم منها ثمار المعرفة، ونصرة الحق والدفاع عن حريمه المقدس، فهي احدى افلاذ كبد الزهراء، وبضعة المصطفى سيد الانبياء، وزينة روح علي سيد الاوصياء...في علو مقام زينب تلك الدرة المكنونة، والجوهرة المصونة، انها كانت على عظيم درجة من الصبر والتسليم لأمر الله تعالى والرضى بقضائه ،فقد شهدت وهي في الرابعة من عمرها الشريف استشهاد ورحيل جدها المصطفى، وبعد اشهر قلائل شهدت مصيبة امها فاطمة الزهراء وشهادتها، وبعد سنوات تلقت والدها امير المؤمنين علياً سلام الله عليه مفضوخ الرأس محمولاً من محرابه الى بيته حتى فاضت روحه الطاهرة بعد ثلاث...ثم شهدت اخاها الحسن المجتبى وهو يتقيأ كبده المسموم قطعاً قطعاً حتى لفظ انفاسه المباركة الاخيرة بين يديها وقد عقته هذه الامة. واما كربلاء! فقد ارتها اهوالاً وعجائب..فعاينت فيها اشلاء الضحايا، مجزرين على صعيد المنايا، ورأت فيها مصارع الشهداء من عشيرتها، واخوتها وبني عمومتها، قد فرق السيف بين الرؤوس والابدان، وحرارة الشمس قد غيرت منهم الالوان، وبينهم ريحانة المصطفى سيد شباب اهل الجنة صريعاً على الرمضاء، فاجهشت بالبكاء، ونادت بهذا الدعاء: الهي تقبل منا هذا القربان.
ثم انثنت شاكيةً وجدها الى جدها وهي تقول: يا محمداه، هذا حسين بالعراء، مرمل بالدماء، مقطع الاعضاء، وبناتك سبايا وذريتك مقتلة...
السلام على من حباها الجليل جل اسمه بالصفات الحميدة، وزادها قوةً وثباتاً على الدين والعقيدة، وشد الله عزمها في مواطن المحن الشديدة، والهمها جميل الصبر، واكرمها جزيل الاجر.
الولادة
كانت ولادة الميمونة الطاهرة ، والدرة الفاخرة ، في اليوم الخامس من شهر جمادى الاولى ، في السنة الخامسة –
ولما ولدت ( ع ) : جاءت بها أمها الزهراء إلى أبيها أمير المؤمنين ( ع ) وقالت له : سم هذه المولودة ؟ فقال ( ع ) ما كنت لاسبق رسول الله ( ص ) وكان في سفر له ، ولما جاء النبي ( ص ) وسأله عن اسمها فقال : ما كنت لاسبق ربي تعالى ، فهبط جبرائيل يقرأ على النبي ( ص ) السلام من الله الجليل وقال له : سم هذه المولودة ( زينب ) فقد اختار الله لها هذا الاسم ،
خصائص الاسم
وقد جاء في لسان العرب أن الزينب : شجر حسن المنظر طيب الرائحة.
ويعرف عن هذا الشجر أنه ينبت في الأرض القاحلة والتي لا يصلها الماء ويقاوم الحرارة والظمأ وكل الظروف الجوية القاهرة.
القابها وكناها
وتكنى بأم كلثوم ، وأم الحسن ، وتلقب : بالصديقة الصغرى ، والعقيلة ، وعقيلة بني هاشم ، وعقيلة الطالبيين والموثقة ، والعارفة ، والعالمة غير المعلمة ، والكاملة ، وعابدة آل علي ، وغير ذلك من الصفات الحميدة والنعوت الحسنة ، وهي أول بنت ولدت لفاطمة صلوات الله عليها .
صفات الشخصيه
يصف بعض المؤرخين السيدة زينب عليها السلام بأنها مع علو مكانها وسمو منزلتها وهيبتها ووقارها ذلك الوقار والهيبة المتكسبان من أمها سيدة النساء فاطمة عليها السلام وجدتها السيدة خديجة الكبرى رضي الله عنها فهي امرأة طويلة القامة حسنة الهيئة ولم تماثلها امرأة في العفة الحياء وفي البلاغة والفصاحة كانت تشير بدقة إلى اكتسابها ذلك من أبيها أمير المؤمنين علي عليه السلام ولم يمنعها ذلك في أن تتحلى بصبر يربط شبهه البعض بصبر أخيها الحسن عليه السلام وبشجاعة ورباطة جأش تماثل فيها أخيها الحسين عليه السلام. إذن وقار وهيبة وحياء وعفة وفصاحة وبلاغة وصبر ورباط جأش .
السيده زينب عليها السلام ودورها في هذه الامه
حياة السيدة زينب (ع) كانت بمثابة إعداد وتهيئة للدور الأكبر الذي ينتظرها في هذه الحياة .
فالسنوات الخمس الأولى من عمرها والتي عايشت فيها جدها المصطفى (ص) وهو يقود معارك الجهاد لتثبيت أركان الإسلام ويتحمل هو وعائلته ظروف العناء والخطر. والأشهر الثلاثة التي رافقت خلالها أمها الزهراء بعد وفاة الرسول (ص) ثم مواكبتها لمحنة أخيها الحسن وما تجرع فيها من غصص وآلام، فكل تلك المعايشة للأحداث والمعاصرة للتطورات..كانت لإعداد السيدة زينب (ع) لتؤدي امتحانها الصعب ودورها الخطير في نهضة أخيها الحسين (ع) بكربلاء
وما كان للسيدة زينب (ع) أن تنجح في أداء ذلك الامتحان، وممارسة ذلك الدور، لو لم تمتلك ذلك الرصيد الضخم من تجارب المقاومة والمعاناة،ولو لم يتوفر لها ذلك الرصيد الكبير من البصيرة والوعي. فواقعة كربلاء تعتبر من أهم الأحداث التي عصفت بالأمة الإسلامية بعد رسول الله (ص) ، وكان للسيدة زينب (ع) دور أساسي ورئيسي في هذه الثورة العظيمة فهي الشخصية الثانية على مسرح الثورة بعد شخصية أخيها الحسين (ع).كما أنها قادت مسيرة الثورة بعد استشهاد أخيها الحسين (ع)
تكليف الحوراء زينب
لقد غفل اكثر الناس عن دور الحوراء زينب وتكاليفها في واقعة كربلاء المقدسه ولم يذكرها احد الا من خلال المصيبه وحين البكاء وغفلنا عن دورها الرسالي الذي لعبته في كربلاء وكرد لجميلها علينا سنذكر الشئ اليسير من تكاليفها في واقعة كربلاء المقدسه...ويمكن ان نقسم تكاليفها الى قسمين
1- التكليف الفردي وهو ما يتعلق بها تجاه الله سبحانه
2- التكليف العام وهو مايتعلق بها تجاه الاخرين
ويتضمن التكليف الفردي عدة نقاط :
ألف -الصبر على المصاب حيث قال لها الحسين (ع) اخّيه ان انا مت لاتشقي علي جيبا ولاتخمشي علي وجها ولايذهبن بحلمك الشيطان ...فالحسين (ع) يوصيها بأمر وهو ان يكون صبرها عالي لآن ايمانها عالي والمؤمن ان خلا من الصبر خلا من الايمان يقينا ولذا قارن الحسين (ع) بين عمل الشيطان والجزع اذ ان الصبر هواقوى سلاح لمحاربة الشيطان وكما قال (ع) : الصبر من بمنزلة الرأس من الجسد اذن التكليف الاول هو ان تصبر على المصاب . فهل اطاعت (ع) ام لا؟؟؟؟؟
بالتأكيد انها اطاعت ويشهد على صبرها الرواية الوارده بأن الحوراء (ع) حينما قتل الحسين (ع) خرجت ووضعت يديها تحت ظهره الشريف ورفعت جسده قائلة : اللهم تقبل منا هذا القربان فهي ترجو القبول من الله ولم تعترض بل العكس تماما
باء :-وكذلك فأن من تكاليفها الشرعية قوله (ع) (لايذهبن بحلمك الشيطان ) اي بعقلك بل ان ينبغي ان يبقى عقلك مشدودا لله تعالى لكي تستطيع ان تؤدي الدور الرسالي المرسوم لها وكذلك تستطيع ان تحظى بالثواب العظيم اذ ان الله يحاسب الناس على قدر عقولهم لأنه بالعقل يصل الفرد الى طاعة الله وبالنفس تكون طاعة الشيطان فأن ذهب العقل كان الشيطان مسيطرا على الفرد وليس من شأنها سلام الله عليها ذلك لانها من بيت اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا وذا نسمع بالاخبار بأنها في ليلة الحادي عشر من المحرم بقيت تصلي صلاة الليل وهذا اسمى درجات الايمان ومحاربة الشيطان ..
.. القسم الثاني اوالتكليف العام
ويمكن ان نقسمه الى عدة نقاط 1- ان الامام الحسين (ع) قال لها : أخيه زينب احفظي لي العيال والاطفال وما ذلك الا لان في الاطفال الامام الباقر (ع) وكذلك لان الاطفال يمثلون جانب مهم في الاعلام ضد الاعداء اذ ان المجتمع يتعاطف مع الاطفال وهذا الجانب هو الحفظ المادي اما الجانب المعنوي فهو الاهتمام بمشاعرهم لاسيما وقد فقدوا اعزتهم وآبائهم
...2- ان السجاد (ع) حينما سمع اباه بقي وحيدا نادى عمته زينب قائلا(عمه زينب علي بالسيف والعصا) حينها صاح الحسين (ع) : اخيه زينب رديه لئلا تخلو الارض من نسل آل محمد وهذا الامر وان لم يفهمه البعض الا انه في الواقع تكليف للحوراء (ع) ان تحافظ على وجود الامام السجاد(ع) من القتل وهو من صنف الاحكام المعلله ( ومن الواضح ان الحكم يسري في كل موضوع يشترك مع ذلك بنفس العله) وهذا ما وجدناه منطبقا اكثر من مره ولولاها لما وجد المعصومون من بعده ولتعذر وجود يوم الظهور العالمي للمهدي (ع) فبا لحقيقه كل البشريه مدينه للحوراء زينب لأنها تسببت في وجود المهدي الموعود الذي سيملأ الارض قسطا وعدلا
لو تصورنا واقعة الطف بلا وجود زينب سلام الله عليها فماذا سيحصل؟؟ بالتأكيد ستحصل عدة امور منها: قتل السجاد(ع) كما سمعنا 2-قتل العيال والاطفال بأعتبار لولا وجودها لتعذر حفظهم
3- الدور الاعلامي الذي نقلته عن الواقعه وماجرى على الحسين (ع)وعياله
4-فضح الظالمين مما اعطى لكربلاء تلك الصورة المشرقه اذ ان زينب سلام الله عليها لاتقل عن الحسين عليه السلام في جهاده .. وبذلك تكون واقعة كربلاء متكونه من اشرف رجل وهو الحسين (ع) واشرف امرأه بعد امها الزهراء الا وهي الحوراء زينب (ع).........وهذا مايوضح الدور الرسالي الذي يمكن للمرأة ان تطبقه في واقع الحياة الاجتماعيه بكل مستوياتها ,,,,,, لذا اتمنى من اخواتي النساء ان يحافظن على العفة والشرف وان تلتفت المرأة الى دورها الرسالي الذي ينتظرها عند ظهور الامام (عج)...
ظهور صفات المعصومين في شخصية زينب سلام الله عليها:
1- الولاية والقدرة التكوينية حيث إشارت بيدها إلى الناس وهي في الكوفة فارتدَّت الأنفاس وسكنت الأجراس وهذا يدل على سيطرتها التكويني على كلِّ شئ.
2-العلم اللدني الذي اكتسبته زينب من اصحاب الكساء الذين أشرفو على تربيتها وهو علم الإمامة، قال عنها الإمام زين العابدين فقد كانت "عالمة غير معلمة" وقد ظهر كلّ شئ في خطبتها العظيمة في الكوفة والجدير بالذكر أن الزهراء أخذت ابنتها زينب إلى المسجد وخطبت الخطبة الفدكيةو كانت زينب آن ذاك في السابعة من عمرها ، فكيف استطاعت أن تحفظ الخطبة بأكملها وتنقلها إلى الآخرين حتى تصل إلينا؟ فلولا اتصالها بالغيب لما استطاعت زينب أن تنقل هذه الخطبة الغراء ذات المحتوى العميق!
وكأن الزهراء عندما خطبت كانت تقول لزينب بلسان حالها أن اسمعي الخطبة جيدا لأنك أنت أيضا سوف تخطبين بنفس الأسلوب وأنت بالكوفة ، وهذا ما حدث حيث خطبت زينب في الكوفة بنفس النمط كما هو واضح لكل من يتعمق في الخطبتين ويقايسهما معاً ، وكأن الزهراء هي التي تكلمت في الكوفة فالعبارات متقاربة والنسق واحد.
ولكن هناك فرق كبير بين الموقفين:
فعندما دخلت الزهراء إلى المسجد وخطبت كانت تخاطب المهاجرين والأنصار والأرضية كانت مهيّأة لبنت رسول الله ، أما زينب فكانت تعدُّ أسيرة فالمخاطبون هم أعدائها الذين قتلوا أولادها وأخوتها ، ولكنها مع ذلك استطاعت أن تسيطر على المجلس سيطرة كاملة، ورغم أنه ينبغي للخطيب أن يمركز جميع مشاعره وحواسه ليتمكن من توضيح مقصوده إلا أن زينب وبعد تلك المصائب العظيمة استطاعت أن تتحدَّث وبكل شجاعة وصلابة ،وهذا يدل على ارتباطها المعنوي بعالم الملكوت الأعلى كما كانت أمها الزهراء، فزينب رغم أنها كانت تلعنهم وتتهجم عليهم وتعاتبهم والمفروض أن ينفروا ويبتعدوا من خطابها إلا أنهم انقلبوا على ما كانوا عليه وخاطبوها بقولهم " والله إن شبابكم هو خير الشباب" كلُّ ذلك يدلُّ على قوة روحها سلام الله عليها
موقف السيدة زينب في مواجهة ابن زياد:
وهناك موقف آخر في الكوفة عندما أدخلوا السبايا على ابن زياد كان يعلم اللعين
أن السيدة زينب موجودة مع النساء فأراد إذلالها في مجلسه وأمام الملأ،
فالتفت نحوها قائلاً: من هذه الجالسة؟.فلم تجبه استهانة به واحتقاراً لشأنه، وأعاد السؤال ،
عندها قامت إحدى السبايا وقالت له : هذه زينب ابنة فاطمة بنت رسول الله .
عندها انفعل من ترفّع السيدة زينب عن إجابته واندفع يخاطبها غاضباً متشمتاً:
الحمد لله الذي فضحكم وقتلكم وأكذب أحدوثتكم.
هنا برزت السيدة زينب مع أنها كانت تحبذ التسامي والتعالي على مخاطبة ابن زياد،
إلا أن الموقف كان يتطلب منها ممارسة دورها الرسالي في الدفاع عن ثورة أخيها الحسين،
وأيضاً تمزيق هالة السلطة والقوة التي أحاط بها ابن زياد نفسه
لذلك بادرت إلى الرد عليه قائلة:
( الحمد لله الذي أكرمنا بنبيه محمد (ص) وطهرنا من الرجس تطهيراً
إنما يفتضح الفاسق ويكذب الفاجر، وهو غيرنا يا ابن مرجانة.. ) .
لقد هزت كيان ابن زياد بهذا الرد الشجاع القوي مع أنها تمر بأفظع مأساة وأسوأ حال،
فأراد ابن زياد أن يتشف بها
فقال لها:
كيف رأيت صنع الله بأهل بيتك؟.
لكن العقيلة زينب أفشلت محاولته وانطلقت تجيبه بكل بسالة وصمود:
( ما رأيت إلا جميلاً، هؤلاء قوم كتب الله عليهم القتل فبرزوا إلى مضاجعهم
وسيجمع الله بينك وبينهم فتحاج وتخاصم،
فانظر لمن الفلاح يومئذٍ ثكلتك أمك يا ابن مرجانة !! ) .
إنه لموقف عظيم لقد تجاوزت السيدة زينب بإرادتها وبصيرتها النافذة كل ما أحاط بها
من آلام المأساة ومظاهر قوة العدو الظالم،
فقد واجهته بالتحدي وجهاً لوجه أمام أعوانه وجمهوره،
معلنة انه لا ينتابها أي شعور بالهزيمة والهوان،
فما حدث لأسرتها شيء جميل بالنظر للرسالة التي يحملونها
وما حدث هو استجابة لأمر الله تعالى الذي فرض الجهاد ضد الظلم والعدوان،
وهي واثقة من أن المعركة قد بدأت ولم تنته.
ثم تختم كلامها بالدعاء بالهلاك للطاغية المتجبر أمامها مخاطبة إياه
بقولها:
( ثكلتك أمك يا بن مرجانة.. ).
وكان ردها عليه قاسياً شديداً أسقط هيبته الزائفة في أعين الحاضرين جميعاً.
كيف لا وهي ابنة علي الكرار (ع)، لا تفر أبداً..
موقف السيدة زينب في مواجة يزيد
أما موقفها في مجلس يزيد بن معاوية فهو من أروع مواقف الدفاع عن
الحق والتحدي لجبروت الطغاة والظلم.
فيزيد كان أمامهم متربعاً على كرسي ملكه،
وفي أوج قوته، وزهو انتصاره الزائف تحف به قيادات جيشه،
ورجالات حكمه وزعماء الشام، كما أن أجواء المجلس كانت مهيأة
ومعدة ليكون الاجتماع مهرجاناً للاحتفال بقتل أهل البيت.
وكانت السيدة زينب (ع) في ظروف بالغة القسوة والشدة جسدياً ونفسياً
فهي ما زالت تعيش تحت تأثير الفاجعة المؤلمة،
كما أن هناك أجواء الشماتة والإذلال والتنكيل إلى مالا نهاية،
كل ذلك لم يشغل العقيلة زينب عن أداء دورها البطولي أمام هذا الأموي اللعين
فعندما سمعت يزيد يترنم بهذه الأبيات:
ليت أشياخي ببدر شهدوا جزع الخزرج من وقع الأسل
إلى آخر الأبيات..
وقفت هذه السيدة العظيمة وردت عليه بكل شجاعة وإباء مستصغرة قدره وسلطانه،
ومستنكرة فعلته النكراء
وقالت:
( الحمد لله رب العالمين وصلى الله على رسوله وآله أجمعين صدق الله سبحانه
حيث قال :
( ثم كان عاقبة الذين أساءوا السوأى أن كذبوا بآيات الله وكانوا بها يستهزئون ) (الروم: 10).
أظننت يا يزيد حيث أخذت علينا أقطار الأرض وآفاق السماء
فأصبحنا نساق كما تساق الأسارى أن بنا على الله هواناً وبك عليه كرامة
وأن ذلك لعظم خطرك عنده فشمخت بأنفك..))
إلى آخر الخطبة.
لاشك أن خطبة السيدة زينب (ع) قد فضحت يزيد عليه اللعنة
وهي تتكلم بكل فصاحة وطلاقة دون أن ترتعد فرائصها أو ينتابها الرعب أمام هذا الحاكم الظالم
وهو محاط بجلاوزته وحاشيته.
ومرغت كبرياءه بالوحل وفضحت مخططاته التي استهدفت الإسلام
ووقفت ابنة علي كاللبوة في مجلس الظالمين،
إن هذه الكلمات النارية التي رددتها بنت الرسالة أماطت اللثام عن الوجه الحقيقي للأمويين،
وكشفت للناس زيفهم وكفرهم، وعرفوا الناس الحقيقة المرة،
هنا انعكس الأمر على يزيد وتحول المجلس إلى ساحة محاكمة لجرائمه
وفوجئ يزيد بهذا الانقلاب المفاجئ وفقد السيطرة على نفسه
ولم يعد يدري كيف يواجه هذا الأمر فكان يتهرب من الموقف
بقطع الكلام على السيدة زينب (ع) إلا أنها كانت تسمو أكثر فأكثر..
من خلال تلك المواقف والأحداث تجلت لنا كفاءات السيدة زينب وعظمة شخصيتها،
فهي حمت الثورة الحسينية بعد الإمام الحسين
وبعدها جاءت لتدلي إلينا بدروسها العظيمة،
نائبه عن الامام
وقد ورد عن الشيخ الصدوق: أنّ زينب عليها السلام كانت لها نيابة خاصة عن الإمام الحسين عليه السلام وكان الناس يرجعون إليها في الحلال والحرام حتى برئ زين العابدين من مرضه. . فإن وصف الإمام زين العابدين عليه السلام لها عالمه غير معلمه مطابق تماما لشخصيتها لذا فإنها كانت عليها السلام تروي عن أمها وأبيها عليهما السلام وحتى أخويها الحسن والحسين عليهما السلام وروي أن الناس كانوا يرجعون لها في معرفة الأحكام الشرعية والمسائل الفقهية بعد مقتل سيد الشهداء عليه السلام حتى برئ الإمام زين العابدين عليه السلام وكان ابن عباس المعروف بحبر الأمة يروي عنها ولحاظ ذلك في قوله عندما يروي خطبة الزهراء عليها السلام يقول : حدثتني عقيلتنا زينب بنت علي عليه السلام.
كلام للسيد الشهيد حول زينب عليها السلام
قال السيد الشهيد في احدى خطب الجمعة
فالمهم اننا هل نستطيع ان نتصور في هذا العصر، وفي كثير من العصور ان يتكلم فرد _مهما كان مهمّا_ امام اعلى مسؤول في الدولة من ملك أو امبراطور أو دكتاتور أو رئيس جمهورية أو أي حاكم مثل هذا الكلام ويعطيه حقه بيده وامام عينيه وفي منزله وامام حاشيته وشرطته ومؤيديه ؟! لان زينب اين كانت ؟ في براني يزيد بن معاوية. هذا متعذر بكل تاكيد حتى في البلدان التي تدعي الحرية والديمقراطية كفرنسا وايطاليا وبريطانيا وغيرها. فان الحرية الشخصية مكفولة هناك شكليا أو نسبيا واما المناقشة في نظامهم والاعتراض على مسلماتهم واسس سياساتهم واسرار دولهم فهو ممنوع، قليلا كان أو كثيرا وليس فيها اية حرية كائنا من كان. وان رغمت انافهم نقول ذلك (وهنا صاح المصلون بالصلاة على محمد وال محمد مرات متعددة).